الركن البعيد الهادي

 كثيرا ما لاحظت جدتي الجِلسة والنومة والقومة المفضلة لدي وصدقت السعي لإخباري بملاحظتها باهتمام بالغ، لأنها (مش فاهمة ليه باخد الهيئة دي بالذات)


لطالما أحببت القرفصاء والجلوس بجانب الحواف والأركان، لطالما اتخذت وضع النوم الذي لم أعرف بإدراكي ولكنه فُرض عليّ تبعًا لظروف المساحة للأسف، ومن ثَمّ، تأففتُ قليلا، طبعا اللهم لا اعتراض، فجأة وُلدت! - ليه محدش بيقولي حاجة هنا - .. مرت بعض الشهور ( الكثيرة جدا بصراحة) ووجدتُني آخذ وضع الكرة كما تصفه جدتي و(أتطبق على نفسي كأنه السرير مفيهوش مكان)

كبرت ولاحظت الشئ ذاته، كما كل فعل عابر لجدتي.. لاحظت أن اتخاذ هذا الوضع لم يكن سوى انعكاس لشعوري بالقلق.. وربما لم يكن سوى مجرد وضعية نوم عادية، فقط حملتها أكثر مما تحتمل، من يهتم لذلك غير مخربي المنشور على أي حال؟

عموما، نعود للمشاهد المتفرقة ونجد أنني هناك بالظبط، ملتصقة بالكرسي في ركن هادئ داخل حفلة يومية صاخبة، لا أعرف لها نهاية ولا أجد منها مفرّ سوى السماعة العجيبة الحاجبة لصوت أي شئ إلا صوتي الشخصي، يمكننا أن نطلق عليها سماعة مركز الكون.


أحب الأركان بشكل ما، أحب حواف البسبوسة بالمناسبة، أحب أن أجاور جدار ما في أي مكان، أستند إليه ثم أجدني غُصت داخل المحارة غالبا. 


لطالما تمنحني الجدران أمان مؤقت..عجيب أن تجد ضالتك في جماد بشكل ما.. لا أدري حقا من أين وُجد هذا الشعور المتواتر.. أعتقد أنني استنشقته في نفس الوقت المسبب ل جلستي المعهودة هذه بالخطأ، شكرا ماما 😡


ولكن هل حقا أهتم؟ طبعا ماكنتيش هتكتبي حاجة يعني، في الحقيقة لا يسعني الاهتمام بالغرائز، لا يدفعني هذا الشعور إلى القلق من القلق ذاته

بل في الحقيقة، يسعني تذكُّر عدد المرات التي دفعت نفسي فيها إلى منتصف الحلبة، تماما، فجأة بردو علشان ليه لأ .. أذكر كمّ الرعب الذي دب كالنار في جسدي خلال بضعة ثوانٍ.. وكيف أصبحت بما أصبح الأمر الآن يمثل قطعة من الكعك - piece of cake بس كما يقول الفرنجة - ، ولكن أثناء هذا السعي الحثيث.. هل تغيرت الثوابت؟ أعتقد أن هذه النتيجة هي الهدف الحقيقي من القصة برُمتها.. وأنه مهما حاولت التنصل من كونك جرم صغير لا بأس بأن يكون له مكان محدد، فأنت أصلا نجمة لازقة في السقف عادي زي اللي في الصورة دي. 

سقف الأوضة



Comments

Post a Comment

Popular posts from this blog

تاكل حاجة؟

وبعدين (مش فاكرة ده اسم مكرر ولا لا)