..

تباً يا لنا من حمقى  ،   نعتقد أننا سوف نظل على أحوالنا أبد الدهر ،  نعتاد الأشياء بأقصى سرعة نمتلكها حتى أنها تكاد تبتلعنا شيئاً فشيئاً ولا نفعل سوى تأملها ..
نتشبث بكل ما أوتينا من قوة و نلقى بأحمالنا،  علّ هذا الشئ الذي يسعى لابتلاعنا هو المفر..

لطالما حاولنا أن نستفيق و لكن هناك ما يأبى ذلك ،  هناك ما يسيطر علينا و يجبرنا على الاعتياد ،..

تبدو حياتنا كرقصة باليه غير منتهية ،  تلزمنا المُرونة و قوة التحمُّل ،  و أن ننسى كل ما حدث أو قد يحدث وسط الجماهير  و خلف الستار ..

أفكارنا تتراقص كتلك الراقصات البارعات اللائي لا يلبثن أن يخطين خطوات متسارعة ليسحروا العقول ..  و ظروف الحياة قد تماثل أضواء المسرح إلى حدٍّ كبير ..

تلك الراحة و ذلك الاعتياد لا يدوم طويلاً ،  الحركات تستمر و تتصاعد و تقل ،  لكنها لا تتوقف أبداً !..

تتغير الإضاءة في شدتها و موقعها و تتغيّر الحركات بخفّة ،  و مع كل حركة تُظهر لنا تلك الإضاءة جانباً و تُخفي البقيّة  ،  كأنها تعلم جيّداً أنه لا ينبغى أن تظهر تلك الأطراف المتألّمة من التقافز و محاولات الوصول لأفضل أداء ممكن..

 لا يمكن حينها أن يرى أو يقدّر  الناس الذين اصطفّوا في مجالسهم ليتمتّعوا بمتابعة خبرة الآخرين ما صنعه المسرح بتلك الأطراف الملتهبة ..

و قد لا يعنيهم هذا قط ، فهذا المسرح قد سبب لهم مثل تلك المعاناة  يوماً ..

هم هنا فقط ليروا كيف يتعامل غيرهم مع هذا المسرح اللعين ،  وكيف أن تلك الأضواء تخدم غايتهم ..

في نفس الوقت الذي تتدافع فيه  كل راقصة على هذا المسرح ،  هناك مقعد ما من مقاعد الجمهور يكشفها  و يلغي ما تحاول تلك الأضواء جاهدة على إخفائه ..

هذا المقعد قد يظل مجهول الهوية طوال الوقت ،  لكن اليقين بكونه موجوداً  يبعث القليل من الثبات و الإصرار ،  يبعث على القليل من الصمود  الذي لولاه لفقدت إحداهن توازنها و أصبحت فاقدة لقوتها التي ساعدتها كثيراً ..
و قد يكون أيضاً القليل من الاطمئنان بأن كل هذا لا يظهر سوى لمقعد واحد ..

لحسن الحظ أن الأقدار  قد لا تعاندنا  كذلك المسرح الذي يصدر صريراً خافتاً تنزعج له هؤلاء  البيضاوات ،  لكنه لا يصل لآذان الحضور ..

إنها تعلم نهاية العرض و بدايته ،  و تعرف جيداً كل الماديات ،  المقاعد و الستائر التي تغطي مكان التدريب الضيّق ،  و تعلم  أيضاً بأمر هذا الصرير ،  لكنها تترك كل هذا يمضي حتى يقوم كلٌّ بدوره  ،  المسرح المتهالك  ،  الأفواه المبتسمة  ، العيون المتعلّقة بكل تلك المرونة ،  كل تلك الحركات التي لا تنتهي حتى و إن انتهى العرض و انفضّ الحضور  ،
 و ذلك المقعد المخصص الذي لا يعرف كل هذا عنه إلا جالسه فقط ...



تـمت .

* نوت عشان افتكر أرسم حاجات لأي حاجة أكتبها بعدين *


Comments

Popular posts from this blog

جبروت امرأة

تاكل حاجة؟

هممم